مسرحية قاضي الطلاق

منتديات السعودي السعودية - الرسمي
شبكة و منتديات السعودي ~ ترفيهية وتعليمية وثقافية وكل ما يفيد زائرينا الكرام
مسرحية قاضي الطلاق
Feb 6th 2013, 19:14

مسرحية

ميغيل دي ثربانتس

قاضي الطَلاق

ترجمة: د.محسن الرملي


( يدخل القاضي ومعه اثنين، هما: الكاتب ووكيل النيابة، ثم يجلس على كرسي.
يدخل العجوز وزوجته ماريانا )
ماريانا - وأخيراً.. ها هو السيد القاضي جالساً على كرسيه وسط مجلسه، وعليه فإنني، هذه المرة، إما أن أبقى في الداخل أو أُطلق في الخارج.. لا بد لي هذه المرة أن أتحرر من كل تبعة قانونية أو كفالة.. سأكون حُرة مثل طائر الباشق.
العجوز - بحق محبة الرب؛ لا تثرثري كثيراً يا ماريانا. تكلمي بإنصاف ورويّة كما يرغب الله بذلك. فانظري كم أزعجتي الجيران بصراخك. وها أنت أمام السيد القاضي حيث يمكنك أن تخبريه بما تشائين حول قضيتك.. وبصراخ أقل.
القاضي - أية قضية أتيتم بها أيها الناس الطيبون؟.
ماريانا - سيدي: الطلاق، الطلاق ثم الطلاق.. وألف مرة الطلاق.
القاضي - مِـمّـن؟ ولماذا أيتها السيدة؟.
ماريانا - مِـمّـن..!؟ من هذا العجوز الحاضر هنا.
القاضي - لماذا ؟.
ماريانا - لأنني لا أستطيع احتمال لجاجته وكثرة طلباته.. ولا أن أظل رهينة أعالج كل أمراضه التي لا تحصى، فلم يربني أبويّ لكي أكون مضمِدة أو ممرضة. لقد كانت هديتهم، بمناسبة زواجي، كبيرة إلى هذا الهيكل العظمي.. هذا الذي يستهلك أيام حياتي؛ فحين دخلت في عصمته كان لي وجهاً ساطعاً كالمرآة، أما الآن فلي وجه مجعّد كخرقة قماش عتيقة... أرجو من سعادتكم يا سيادة القاضي أن تُطَلقني منه.. إذا أردتم لي ألا أنتحر... أُنظر، أُنظر إلى هذه الأخاديد في وجهي؛ إنها من كثرة الدموع التي أسكبها كل يوم لأنني متزوجة بهذه الجثة.
القاضي - لا تبكِ أيتها السيدة... اخفضي صوتك وكفكفي دموعك، فسوف أحكم بالعدل فيما بينكم.
ماريانا - دعني أبكي يا سيدي، فهذا يريحني... لقد آن للمملكات والجمهوريات جيدة التنظيم أن تضع حداً لفترة الزواج.. كأن يجعلوه عقداً لمدة ثلاث سنوات يتم فسخه بعدها أو تجديده.. تماماً مثل عقود الإيجار، وليس لها أن تكون عقوداً تمتد طوال الحياة.. وعذاباً مؤبداً يكابد منه كلا الطرفين.
القاضي - نعم. هذا المشروع ينبغي تطبيقه مثلما تم تطبيقه فعلاً فيما يتعلق بالشؤون المالية. ولكن دعك من هذا الآن أيتها السيدة وواصلي إيضاحاتك أكثر حول دوافع وأسباب مطالبتك بالطلاق.
ماريانا - أن زوجي في خريف أيامه أما أنا ففي ربيع عمري. إنه يقطع عليّ نومي فأستيقظ في منتصف الليل لأسخن له الماء وأعد له الكمادات كي أضعها على خاصرته.. ضعي لي هذا هنا، وضعي الآن الكمادة.. عسى أن تشنقه كمادة على عصا فأخذ حقي وأتخلص من رعايتي له في آخر الليل؛ ترتيب وسادة السرير، إحضار الدواء المنعش كي لا يختنق صدره واضطراري على تحمل رائحة فمه الكريهة التي تنبعث حتى مسافة ثلاثة إطلاقات من بندقية.
الكاتب - قد يكون أحد أضراسه متعفناً.
العجوز - لا يمكن ذلك لأنني لا أملك ولا حتى سن واحد في فمي، لقد ألقيتها كلها إلى العفاريت.
الوكيل - ثمة قانون يقول، وفق ما سمعت، بأن رائحة الفم بمفردها يمكن أن تكون سبباً مقبولاً لطلاق المرأة من زوجها أو الرجل من زوجته.
العجوز - في الحقيقة أيها السادة إن الرائحة الكريهة التي ذكرتها زوجتي لا تنبعث عن تعفن أضراسي لأنه ليس لدي أية أضراس، ولا هي تنبعث من معدتي لأن بطني معافاة.. ولكن تنبعث من النية السيئة في صدرها هي. إن حضراتكم لا تعرفونها جيداً، فلو عرفتموها لخفتم منها.. بل وصلبتموها. لقد عشت معها ثلاث وعشرين سنة .. شهيداً، دون أن أشتكي من وقاحتها لأحد أبداً، ولا من صراخها وأوهامها. وها نحن على وشك إكمال عامين منذ أن بدأت تدوّخني ذهاباً وإياباً وتدفعني صوب القبر. لقد جعلني صوتها نصف أطرش وأحالني إلى شخص عصبي المزاج بلا منطق... أما إذا كانت تعالجني، كما قالت، فإنها تعالجني وهي مكرهة بينما يجب ويشترط في أن تكون يد الطبيب ناعمة ورحيمة... وعلى أية حال أيها السادة ففي الحقيقة إنني أنا الذي أختنق تحت عصمتها وسلطتها وهي التي تحيى في عصمتي وسلطتي.. لأنها امرأتي وتَؤول إليها ممتلكاتي.
ماريانا - ممتلكاتك..!؟.. أية ممتلكات لك أنت؟. ألم تكن هي ما ربحته بفضل المتاجرة بهدية زواجي؟ فلي نصف الأرباح رغماً عن أنفك؟ ولن أترك لك من حصتي ومن صداقي، إذا ما متُ أنا الآن، ولا حتى ما قيمته مرابطي واحد.. ها أنت ترى الحب الذي أكنه لك!؟.
القاضي - قل لي أيها السيد؛ متى دخلت في عصمة وسلطة زوجتك؟ ألم تدخل شهماً موقراً وبكل صحتك ومؤهلاتك؟.
العجوز - لقد قلت لكم بأنني قد دخلت في عصمتها منذ اثنين وعشرين عاماً، كأسير أُجبِر على التجذيف في مركب كبير،ولكنني قد دخلت قوياً صحيحاً وكنت أفعل ما أقول بيسر كمن يلعب بالورق.
ماريانا - حماسة عابرة، ثلاثة أيام وانتهت.

lsvpdm rhqd hg'ghr

You are receiving this email because you subscribed to this feed at blogtrottr.com.

If you no longer wish to receive these emails, you can unsubscribe from this feed, or manage all your subscriptions

0 التعليقات:

إرسال تعليق